فتوى محكمة العدل بخصوص الاحتلال قد تُسهم في تطوير القانون الدولي . البوكس نيوز

البوكس نيوز – نتحدث اليوم حول فتوى محكمة العدل بخصوص الاحتلال قد تُسهم في تطوير القانون الدولي . البوكس نيوز والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول فتوى محكمة العدل بخصوص الاحتلال قد تُسهم في تطوير القانون الدولي . البوكس نيوز، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.

بدأت محكمة العدل الدولية يوم الإثنين الماضي، في النظر واتخاذ الإجراءات العلنية بخصوص الطلب الذي أحالته إليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 ديسمبر 2022 لإصدار رأي استشاري (فتوى) بشأن الآثار القانونية المترتبة على انتهاك إسرائيل المستمرّ لحقوق الشعب الفلسطيني، لا سيما الحق في تقرير المصير، وتحديد أثر هذه الانتهاكات على قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية منذ العام 1967. 

ويأتي توقيت النظر في هذه الفتوى وسط الظروف الحرجة التي يعيشها الفلسطينيون، والمنحنى الخطير الذي تمر به القضية الفلسطينية برمتها. في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية وجريمة الإبادة الجماعية في غزة، التي تنظرها محكمة العدل الدولية ذاتها لكن في إجراءات أخرى منفصلة بموجب دعوى قضائية قامت جنوب افريقيا برفعها أمام المحكمة.

اقرأ ايضا: مصر تتقدم بمذكرة لـ “العدل الدولية” حول إسرائيل

وقالت ليما بسطامي، مدير الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في دراسة قانونية، إن طلب الفتوى الحالي من محكمة العدل الدولية، ربما ستشكّل نتيجته طفرة قانونية باتجاه تطوير القانون الدولي برمّته.

ومحكمة العدل الدولية هي الأداة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، وعلى عكس أحكامها بالفصل في النزاعات بين الدول، فإن الفتاوى الصادرة عنها لا تتمتع بذات الإلزامية القانونية، إلا في حالات محددة لا تشمل الطلب الحالي.

ومع ذلك، فإن السلطة والمكانة القضائية والدولية للمحكمة، بالإضافة إلى مصداقيتها، منحت الفتاوى التي صدرت عنها وزنًا هامًّا وجديرًا بالاعتبار من قبل المستويات القانونية والحقوقية الدولية والأممية، كما أن ما يرد في هذه الفتاوى من أحكام تكون منبثقة بالأساس عن القانون الدولي، الملزم بطبيعة الحال، وبالتالي، لا يمكن تبرير تصرّف الدول بما يتعارض مع هذه الفتاوى، بدعوى عدم إلزاميتها.

وأثبتت الفتاوى التي أصدرتها محكمة العدل الدولية أهميتها الكبيرة في تفسير وإيضاح القانون الدولي وتطويره، وتُعتبر هذه الفتاوى آلية مهمة لتحديد المعايير القانونية وتوجيه الدول والمنظمات الدولية في تصرفاتها وسياساتها.

ومنذ تأسيس المحكمة، قلل عقود، صدر عنها 28 فتوى، أبدت فيها رأيها القانوني في مجالات عديدة ونزاعات تاريخية مهمة.

وأوعزت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار تم اعتماده بالأغلبية في 30 ديسمبر 2022، لمحكمة العدل الدولية بإصدار فتوى بشأن المسألتين التاليتين: 

أولًا: ما هي الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمرّ لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، واستيطانها وضمّها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها، وعن اعتمادها تشريعاتٍ وتدابير تمييزية في هذا الشأن؟

ثانيًا: كيف تؤثر سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانوني للاحتلال، وما هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة؟

وبقراءة المسألتين معًا، يمكن القول إن محكمة العدل الدولية مطالبة بتحديد الآثار القانونية لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، إلى جانب البحث في قانونية الاحتلال الإسرائيلي كله، وهذه هي المرة الأولى التي تُطالب فيها هيئة قضائية دولية بالبت في شرعية الاحتلال الإسرائيلي ذاته.

ومن أجل إمكانية البت في هاتين المسألتين، يُشير القرار إلى الحاجة إلى مراجعة مؤشرين أساسيين وفحص مدى قانونيتهما جنبًا إلى جنب. وهما: المؤشر الأول، “طبيعة” انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي التي تخرجه عن صفته المؤقتة والتزاماته كسلطة قائمة بالاحتلال، لا سيما فيما يتعلقبضم الأرض الفلسطينية بالقوة، والتمييز ضد الفلسطينيين. أما المؤشر الثاني؛ وهو “المدة الزمنية” للاحتلال الإسرائيلي، حيث إن هذا الاحتلال، وفقًا للقرار، قد طال ولم يعد حالة مؤقتة، بل أصبح وضعا دائمًا واحتلالا إلى الأبد، وهو ما يخرجه عن مشروعيته المقررة وفقا لأحكام القانون الدولي التي نظمت حالة الاحتلال الحربي، باعتباره حالة مؤقتة. 

ومما لا شك فيه أن وضع المدة الزمنية للاحتلال الإسرائيلي تحت التدقيق القضائي الدولي ليتحدد على أساسها مدى قانونية هذا الاحتلال، إلى جانب انتهاكاته التي تخرجه عن صفته والتزاماته كسلطة قائمة بالاحتلال، تُعتبر العلامة القانونية الفارقة لهذه الفتوى، والتي قد تُسهم في تطوير القانون الدولي في هذا السياق؛ حيث إنه لم يحدد سقفا زمنيا لحالات الاحتلال الحربي، ولم يعالج الحالات التي يتحول فيها الاحتلال الحربي من حالة قانونية إلى حالة غير قانونية، وما هي الأوضاع والحقوق والالتزامات التي تترتب على هذا التحول. 

وبموجب طلب الفتوى الجديدة، فإن المطلوب من المحكمة يتعدى التدقيق في بعض الانتهاكات الإسرائيلية المحددة بعينها، كفتوى الجدار، بل يتعين على المحكمة الارتكاز على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير أولا، والانطلاق منه لفحص ما ينتهك ويعيق ممارسته، أي أن جميع الممارسات الإسرائيلية ستكون تحت التدقيق القضائي، من حيث طبيعتها وكذلك من حيث ديمومتها ومدتها الزمنية.

وسيتعين على المحكمة النظر في التشريعات والتدابير الإسرائيلية التي من شأنها التأثير على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والتمييز ضدهم؛ حيث من الممكن أن تتضمن هذه التشريعات قانون الدولة القومية لعام 2018، وكذلك قانون المواطنة والدخول بتعديلاته.

كما سيتعين على المحكمة البت في قانونية السياسات الإسرائيلية التي اتخذتها بشأن مدينة القدس، بأكملها؛ شرقا وغربا، والتي انتهكت الوضع الخاص المُقرر للمدينة والحماية المفروضة لها بموجب القانون الدولي، كما ستطرق المحكمة إلى الحصار غير القانوني الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة والمستمر منذ 17 عاما، كما لن يكون هناك أي مفر من التطرق إلى الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد قطاع غزة وسكانه في عدوانها الأخير، سواء بوصفها جريمة إبادة جماعية أو غيرها من الجرائم، وتأثيرها على حقوق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بشكل خاص.

اقرأ ايضا: محكمة إسرائيلية تتهم شقيقة العاروري بالتحريض وتمويل حماس

وعليه، قد تخلص المحكمة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يعد احتلالا قانونيا، لا بالطبيعة ولا بالمدة، ولا لاعتبارات الضرورة والتناسبية، بل أننا أصبحنا أمام حالة استعمار استيطاني إحلالي، يعمل على ضم الأراضي بالقوة، وعلى نحو دائم، الأمر الذي يستدعي الاستعانة بأطر قانونية أخرى من القانون الدولي، تحديدا قانون الضم غير القانوني، والاستعمار الاستيطاني، وقانون مشروعية الحرب (Jus ad bellum) الذي يحدد الحالات التي يحظر فيها استخدام القوة ضد الدول وضم الأراضي، عوضا عن تطبيق قانون تنظيم الحرب (Jus in bello) وهو ما يعرف بالقانون الدولي الإنساني، وهو الإطار القانوني الرئيسي الذي لا يزال يُنظم حالة الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وأصبح أداة لترسيخ هذا الاحتلال بدلا من انهائه.

وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: لا يمكنك نسخ المقالة