“مايو ديسمبر” المرشح للأوسكار.. قصة واقعية مرعبة تتحول لفيلم سينمائي | فن – البوكس نيوز

“مايو ديسمبر” المرشح للأوسكار.. قصة واقعية مرعبة تتحول لفيلم سينمائي | فن – البوكس نيوز

البوكس نيوز – اخبار – نتحدث اليوم حول “مايو ديسمبر” المرشح للأوسكار.. قصة واقعية مرعبة تتحول لفيلم سينمائي | فن والذي يثير الكثير من الاهتمام والجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكما سنتناول بالتفصيل حول “مايو ديسمبر” المرشح للأوسكار.. قصة واقعية مرعبة تتحول لفيلم سينمائي | فن، وتعد هذا المقالة جزءًا من سلسلة المقالات التي ينشرها البوكس نيوز بشكل عام.

يحتوي فيلم “مايو ديسمبر” (May December) العديد من الأحاجي المتداخلة، فلا يوضح من أين يبدأ الخيال، وإلى أين ينتهي الواقع في قصته المستقاة من حادثة حقيقية شهيرة تداولتها الصحف الصفراء لشهور، إبان حدوثها.

ويمثل اسم الفيلم لغزا احتاج المخرج لتفسيره، ثم احتار النقاد والمشاهدون في تصنيفه كونه فيلما كوميديا أو دراميا، حتى قدمته “نتفليكس” لينافس في فئة الأفلام الكوميدية في “غولدن غلوب”.

فيلم “مايو ديسمبر” من إخراج تود هاينز وبطولة الحائزتين على جائزة الأوسكار: جوليان مور، وناتالي بورتمان، بالإضافة إلى تشارلز ميلتون، وتعرضه حاليا منصة “نتفليكس”، بينما جاء عرضه الأول في مهرجان كان السينمائي، ومرشح لأوسكار أفضل سيناريو أصلي.

أسرة غير عادية

تبدأ أحداث فيلم “مايو ديسمبر” باحتفال أسرة بعيد الاستقلال الأميركي، حيث تنظم الأمسية عائلة تبدو عادية في حديقة منزلها الواسع المطل على بحيرة، وتنتظر الأسرة ضيفة من نوع خاص، نعلم بعد ثوانٍ أنها ممثلة تلفزيونية متوسطة الشهرة قادمة للقاء العائلة -خاصة ربّتها- لأنها ستقدم دورها في فيلمها السينمائي المستقل القادم.

يسلط العمل الضوء على الفرق بين التصوير الفوتوغرافي والسينمائي؛ فبينما يلتقط الأول صورة ثابتة تظهر حالة شخوصها في لحظة التقاطها، يحظي التصوير السينمائي بهبة الاستمرارية، فنجد الصورة المثالية التي ترسمها اللقطات الأولى من الفيلم تتصدع في الثواني القليلة التالية، عندما يلاحظ المشاهد فارق العمر الواضح بين الزوجة وزوجها، فهي تكبره بدرجة توحي أنها والدته، بينما من ينادونه “أبي” يصغرونه بعدد قليل من السنوات، ثم نعلم سبب استحواذ قصة الأم على اهتمام الممثلة وصناع فيلمها، فهذه المرأة “غرايس” (جوليان مور) التي تبدو شديدة اللطف والرقة سجينة سابقة حوكمت بتهمة الاعتداء على قاصر، وذلك القاصر هو زوجها الحالي.

يستلهم سيناريو الفيلم قصته من حادثة حقيقية بطلتها ماري كاي ليتورنيو المدرّسة الثلاثينية التي حُكم عليها بالسجن بتهمة الاعتداء على قاصر، لكنه قرر الزواج منه بعد خروجها من السجن وإتمامه سن الرشد، واستمر زواجهما حتى قبل وفاتها بعام.

مرايا تعكس الوهم

لا يقدم “مايو ديسمبر” قصة ماري كاي ليتورنيو بشكل مباشر، لكنه يمد الخط على استقامته، ويتخيل حياة هذه الأسرة الغريبة بعد سنوات من الزواج؛ فالأب في السادسة والثلاثين من عمره، بينما بلغت الأم نهاية الخمسينيات، وابنتهما الكبرى في الجامعة، بينما توأمهما الصغيران على وشك التخرج في المدرسة الثانوية، وتحرك الممثلة “إليزابيث” (ناتالي بورتمان) مياه الأسرة الراكدة وذكريات الماضي، فخلال محاولة محاكاتها لسلوكيات الأم “غرايس” وتعرّفها ديناميكيات الأسرة يبدأ كل فرد منهم في استرجاع ماضيه.

إذن لدينا هنا 3 صور للمرأة نفسها؛ الشخصية الحقيقية، ثم الممثلة “جوليان مور” تقدم دورها تحت اسم “غرايس” في فيلم “مايو ديسمبر”، ثم الممثلة “إليزابيث” التي ستقدم دور “غرايس” في الفيلم الخيالي الذي نشاهد لقطات من تصويره في آخر مشاهد “مايو ديسمبر”.

كل واحدة من هؤلاء النسوة ليست صورة مكررة من الأخرى؛ بل محاكاة فنية تشبه عملية الاقتباس السينمائية التي تخلط بعضا من الحقيقة بكثير من الخيال، فكلما حاولت “إليزابيث” محاكاة “غرايس” تظهر شخصيتها الحقيقية أكثر.

May December (2023) Charles Melton in May December (2023) Photo by François Duhamel / Courtesy of Netflix - © May December 2022 Investors LLC
الممثل الأميركي تشارلز ميلتون بدور “جوي” في فيلم “مايو ديسمبر” (نتفليكس)

ويكثر استخدام المرايا في الفيلم كانعكاس لهذه المحاكاة السينمائية للواقع، المحاكاة التي توهم المشاهد أنه يعرف الحقيقة، ولكنها مجرد وهم، فحتى هذه الشخصيات لا تعرف حقيقة نفسها بالضبط، وفي أحد المشاهد تقف البطلتان أمام المرآة حتى تتعلم “إليزابيث” طريقة وضع غرايس لـ”المكياج”، بينما عدسة الكاميرا تحل مكان هذه المرآة، فيقف المشاهد مباشرة أمام الوجهين الذي يوهمانه أنهما الشخص نفسه لثوان، والشخصيتان اللتان تتوهمان أنهما أمام مرآة بينهما، هما أمام عدسة كاميرا تنقل صورتهما إلى عين المتفرج.

فـ “مايو ديسمبر” ليس فيلما عن قصة حقيقية، بل عن الطريقة التي تنقل بها عدسات الكاميرا الحقيقة، والحدود الواهية بين تلك الحقيقة والخيال، والمرايا التي لا تقدم انعكاسا إلا لما نرغب في أن نراه فيها. ولأنه لا يقدم إجابات واضحة، أو يحكم على الشخصيات بصورة أخلاقية صارمة ويترك النهاية مفتوحة، فهو يصيب المشاهد بغصّة في حلقه في كثير من الأحيان.

“مايو ديسمبر” وقصة فراشة

يبدو الفيلم منذ بدايته كما لو أنه يركز على قصة “غرايس” التي تعامل نفسها كونها ضحية لم يفهمها المجتمع، ولم يستطع تقبل قصة حبها غير المعتادة، لكنه يرصد هذه الشخصية فقط، كما يرصد شخصية الممثلة “إليزابيث” التي تبدو طوال الوقت كما لو أنها تمثّل في الحقيقة بالصورة ذاتها التي تمثل بها على الشاشة، امرأة مصطنعة، يكشف المشاهد زيفها عندما تُظهر اللطف للشخصيات الأخرى بينما هي في الحقيقة تستغلهم وتتلاعب بهم، لتحصل على خلاصة قصتهم وتحسن تقديمها في فيلمها القادم.

يمكن أن نعدّ “غرايس” و”إليزابيث” شخصيات ثابتة، فهي لا تخضع لأي تغييرات خلال أحداث الفيلم، بينما المتحرك أو الديناميكي الوحيد هو “جو” الزوج الشاب، أو “مايو” في عنوان الفيلم، فـ “مايو ديسمبر” مصطلح أميركي شائع حول علاقات الحب الذي تدور بين اثنين يفرق بينهما فترة عمرية كبيرة، لطول المسافة بين الشهرين في السنة، وإشارة أحدهما لبداية الصيف، بينما الآخر للشتاء.

وبالفعل تدور أحداث فيلم “مايو ديسمبر” في شهر مايو/أيار، وينتهي بتخرج أصغر أبناء “جو” الشاب بمنتصف الثلاثينات الذي لم يصارح نفسه أبدا بحقيقة تعرضه للاستغلال، وأوهم نفسه لسنوات بقوة حبه لـ “غرايس”.

يمارس “جو” هواية تربية دود القز، حيث ينتظر كل دودة حتى تتحول إلى فراشة ليطلق سراحها، ولكن لا يدري حتى ختام الفيلم أنه شخصيا حبيس مثل هذه الفراشات في انتظار إطلاق سراحه.

يراقب المشاهد رحلة “جو” شديدة البطء والهدوء في التحول من دودة إلى فراشة، من الصورة المثالية الزائفة التي صنعتها “غرايس” في بداية الفيلم، إلى وقوفه بعيدا يراقب أولاده وهم يتخرجون في المدرسة الثانوية قبل انطلاقهم إلى الجامعة ثم الحياة العملية، الأولاد الذين يمثلون الرابط الأخير الذي يربطه بـ “غرايس”.

يبكى “جو” في آخر مشاهد الفيلم، ولا يعلم المشاهد هل هو تأثر بتخرج أبنائه، أو على عمره الذي أضاعه في كذبة، أو خوفا من مواجهة نفسه و”غرايس”؟

يصعب الحكم على مدى أخلاقية أبطال “مايو ديسمبر” الذين يقفون على الحدود الفاصلة بين الخير والشر، فبعضهم يرتكب الجرائم وهو يظن نفسه أبرأ الناس، وآخرون ضحايا وهم لا يعلمون، لنجد في النهاية فيلما عن صناعة السينما التي تعني في قلبها صناعة الوهم.

وفي نهاية مقالتنا إذا كان لديك أي اقتراحات أو ملاحظات حول الخبر، فلا تتردد في مرسلتنا، فنحن نقدر تعليقاتكم ونسعى جاهدين لتلبية احتياجاتكم وتطوير الموقع بما يتناسب مع تطلعاتكم ونشكرًكم علي زيارتكم لنا، ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ومفيد معنا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: لا يمكنك نسخ المقالة